پس رقاب مردودان بساط قرب بيند به اغلال دواعى هوا, قيد كرده وصدمات عواصف غيرت
, اقدام سـعى مطرودان عرصه كرامت , به بند شهوات بسته و سطوات خواطف عزت جناح سير
مخذولان تـيه حرمان را به برق مشيت سوخته , غير المغضوب عليهم ولاالضالين به ضرورت
گفته آيد, جهد كن تا در وقت تلاوت ازروايح سعادت اين معانى بويى به مشام جان تو
رسد, و از آن بوى به گلزار اسرارامالكتاب راه يابى .
اى عـزيـز اگرچه فاتحه هفت آيه است , اما اسرار هفت آسمان و زمين در مطاوى كلماتش
مندرج اسـت , بـلـكه در ضمن هر آيتى صدهزار حكمت صورى و معنوى و احكام دينى و دنيوى
و لطايف عرفانى و ظرايف ايقانى واسرار توحيدواخبار تمجيد ونصوص ولايت وفصوص هدايت
ولوايح عنايت ولوامع درايت وعجايب ملكوتى وغرايب جبروتى وديعت نهاده اند, در اين
سوره از نامهاى الهى , ده نـام اسـت , پنج به تصريح مذكور شده : اللّه ورب , ورحمن
, ورحيم ,وملك , وپنج ديگر به كنايه وارد گرديده , معبود, ومستعان , وهادى , ومنعم
, ومنتقم .
از ابـن عباس مروى است كه هرچيزى را اساسى است , و اساس دنيا مكه است كه بساط زمين
را از او مـبـسـوطگـردانـيده اند واساس آسمانها, آسمان هفتم و اساس زمين ها, زمين
هفتم , و اساس بهشت , جنت عدن , واساس دوزخ ,هاويه , واساس بشر, آدم (ع ) كه مبدا
همه واقع شده , واساس انبيا نـوح (ع ) كـه پـيـغـمـبران بعد از او, همه از نسل
ويند,واساس بنى اسرائيل , يعقوب (ع ) كه اسباط فرزندان ويند, واساس كتب منزله ,
قرآن است كه مجمع جميع حقايق آنهاست , واساس قرآن فاتحه است كه جامع مجموع دقايق
آنهاست .
پـس فـاتـحه اصل جميع كتب است چه حقايق جمله كتب سماوى از روى اشارت در وى موجود
است .
در احـاديث صحاح وارد است كه اگر اين سوره در تورات بودى , قوم موسى (ع ) گمراه
نشدندى , واگر در زبور بودى ,امت داوود(ع ) مسخ نگشتندى , واگر در انجيل بودى ,
عيسويان , در ضلالت نيفتادندى .
و در ايـن احـاديث , مراين امت را كه چنين سوره بديشان كرامت فرموده اند, به بركت
سيد مختار بشارتى است صريح ,و به استقامت بر طريق هدايت اشاراتى صحيح .
و در روايت صحيح ديگر آمده كه : آن حضرت قسم ياد مى كند و مى گويد: به آن قادر پر
كمال كه نـفـس مـن در يـد قـدرت اوسـت , كه فرو فرستاده نشده است نه در تورات و نه
در انجيل و نه در قرآن ,مثل اين سوره , يعنى فاتحه .
ودر خبر ديگر مسطور است كه فرمود: هر بنده مسلمانى كه قرات اين سوره نمايد, چندان
مزد به وى عطا كنند كه گويا دو ثلث قرآن خوانده است , و همه مومنين ومومنات را صدقه
داده است .
اى درويش سوره فاتحه , اصل مبانى است , گنج معانى است , فصل الخطاب است , امالكتاب
است , دارالـشـفـا ارواح اسـت , مفتاح خزانه اسرار قرآن است , صيقل آياتش , زداينده
زنگارهاست , مطالع حـروفـش , مـظـاهر حقايق اسماست ,معادن نقاطش , مخازن جواهر صفات
علياست , طرب افزاى اهل سماع است , طغراى كلام ازلى و توقيع نامه ابدى است , سالك
عقل در سياحت بيداى فضايل و مـناقب اين سوره بزرگوار, سرگشته وادى وحشت [دهشت ـ
ظ],وغواص فكر در سياحت درياى تفسير وتاويلش , غرقه شده گرداب حيرت , شعر:.
عقل مى خواهد به تدبيرى صواب ----- كز لباب معنى امالكتاب .
باز گويد شمه اى با اهل هوش ----- عشق مى گويد كه اى غافل خموش .
سوى اين خواهش مكن بيهوده ميل ----- كى توان پيمود دريا را به كيل .
قد تم التفسير بعون اللّه تعالى .
فى تفسير سوره فاتحه الكتاب و تاويلها على طريق ارباب الحق واليقين
بسم اللّه الرحمن الرحيم وبه نستعين .
الحمد للّه الحامد المحمود, الواجد الموجود, الشاهد المشهود, الذى ليس له كفؤ
ولاوالد ولامولود.
بـدا بـحـمده تعليما لعباده آداب حضره الشهود, وثنى باخلاص عبوديته تفهيما لعباده
ان لا سواه معبود, وثلث بطلب هدايه الطريق منه اليه والاستقامه غيرمسدود.
والـصلاه والسلام على خاتم الرسل محمد المصطفى الشفيع فى اليوم الموعود, وعلى آله
واصحابه الذين اتبعوه فى الاعمال والاخلاق ببذل المجهود.
وبعد, فهذا بعض ماسنح لى من الفتوحات الغيبيه والمكاشفات العينيه فى معنى الفاتحه .
اعـلـم انـالـبا فى بسم اللّه الرحمن الرحيم للدلاله على السببيه كما فى قولك :
كتبت بالقلم ومعناه انالحق سبحانه ابداالخلق واعاد بواسطه اسم اللّه الرحمن الرحيم
.
وتـحقيق ذلك : ان اسم اللّه عباره عن الذات الازلى المجرد عن الاسما الصفاتيه ,
المشار اليه بقوله ر: كـان اللّه ولـم يـكن معه شئ , لان اسم الشئ مايتسم به
عماسواه , مشتق من الوسم , وهوالعلامه التى يـعـلـم بهاالشئ متميزا عن غيره , واسم
اللّه علم الذات الالهى من حيث هو ذات مجرد عن الصفات واسمائها.
والـفـرق بـين الاسم والصفه ان الاسم هوالذات المجرد والمتصف بصفه كالرحمن , الذى
هوالذات الـمـتصفه بصفه الرحمه , والصفه هى معنى يتميز به الذات المتصف به عن غيره
, كاللطف المتميز بـه الـذات الـمـتـصف به عن الذات المتصف بصفه القهر, وحقيقه
الاسما الالهيه هى هذه , وتسميه الالفاظ بها على سبيل التوسع والمجاز.
روى ان رجـلا اتى جعفرالصادق سلام اللّه عليه وساله عن الاسم الاعظم الذى اذا دعى
اللّه به , اجاب وكـان عـلـى شفاغمره مغرقه , فامر بسد اطرافه , ثم القائه فيها,
فاذا هو قد غاص مره وطفى اخرى مـتـسـبـبـا لطلب الخلاص ,مستغيثابالحاضرين وقد
شارطهم جعفر(ع ) على ان لاتستنقذوه منها, فـلـم يـغثه احد حتى آيس من اعانتهم
واستغاث باللّه وحده , فامرهم باغاثته وانقاذه , فلما نجى منها سـالـه عـن حاله اذا
صار آيسا من حوله وقوته واغاثه الحاضرين , فقال :استغثت باللّه وحده , ودعوته
بالاخلاص , لطلب الخلاص , واقبلت اليه بوجهى كله معرضا عما سواه , وقال جعفرصلوات
اللّه عليه : ذلك هوالاسم الاعظم الذى اذا دعوت اللّه به اجاب .
وهـذا تـنـبـيـه على ان الاسم الاعظم ليس هواللفظ المجرد, بل مطالعه تفرد الذات
الالهى بصفه الاغاثه , ودعاوه بلسان الاضطرار عن صميم الاخلاص , وهذاالمعنى روح
الاسم الالهى , واللفظ قالبه , وحـيـاه الـقلب وحركته باتصال الروح به ,فاذا خلت
صورالالفاظ التى هى قوالب الاسما الالهيه عن مصاحبه المعانى التى هى ارواح لها فهى
الموتى والجيف التى لاحياه لها, ولاحركه يصعد بها الى اللّه تـعـالـى , ولاطـيـب
تـصـلـح بـه لـلحضره الالهيه , ل الكلم الطيب , والعمل الصالح الذى يرفعها هو
مراعاه المعنى المذكور.
وكـمـا ان الـمـعـانـى والارواح لاتتصور فى عالم ا فى صور الالفاظ والاشباح , فكذلك
لا بمصاحبه المعانى والارواح ,فكل لفظه دل ت على اسم من اسمااللّه تعالى اذا لم يكن
المعنى مصاحبها لم تجد الى حريم الغيب سبيلا.
ولكل اسم من اسمائه الحسنى حضره من حضراته , يجب على الداعى ان يسال كل مساله فى
حضره مـخـصـوصـه بـها,فانه تعالى يجيب فى كل حضره منها مايقتضيه اسم تلك الحضره ,
مثلا اذا اراد مـنـه الـرزق يـدعوه باسم الرزاق ويحضره معه فى هذه الحضره موليا
وجهه شطرها, متوجها نحوها تـوجـهـا كـلـيـا, واذا اراد ان تنفعه شيئا او تمنع عنه
ضرا يدعوه باسم النافع والمانع مخلصا بحيث لايتوقع من سواه معاوضه على تيسيرالمرام
, وينخلع عن حوله وقوته وتدبيره بالكليه .
وقـولـه تعالى : سبح اسم ربك
((124)) اشاره الى هذاالمعنى , لان التسبيح هوالتنزيه , اى نزه الذات الالـهى
الموصوف بصفه الربوبيه عن مداخله الغير ومشاركته اياه فى هذه الصفه , و مع ذلك لا
يتم ا اذا كان فى صوره الالفاظ, لانالمعانى ارواح منفوخه فى قوالب الالفاظ, ومادام
العبد فى عالم الصوره لابد له من رعايه الصوره , ومن يذكراللّه بظاهره و باطنه
يجدلذلك فى ظاهره و باطنه اثرا تاما وثوابا عـامـا, ومـن يذكره بباطنه دون ظاهره
يتاثر ويتنور بذلك باطنه دون ظاهره , ومن يذكره بظاهره دون باطنه تتنزل على ظاهره
انوارالبركه و آثارالرحمه دون باطنه .
ولعل ما روى فى الحديث الربانى انالعبد اذا ذكر[نى ] فى نفسه ذكرته فى نفسى , واذا
ذكرنى فى ملا ذكرته فى ملا خير منه اشاره الى ما ذكرنا من ذكرالظاهر والباطن , وفى
هذاالمعنى دقه وغموض ي اهـل الاشـاره , فلنصرف عنان الكلام الى مرتع المرام , وهو
ان اسم اللّه الرحمن الرحيم واسطه الايجاد ورابطه المبدا والمعاد.
اعلم ان للّه تعالى مع تجلياته غير المتناهيه تجليين هما اصل التجليات :.
الاول : تـجـلـى الـذات فـى ازل الازال , وظـهـر مـنـه وجود الصفات والاستعدادات
المركوزه فى ذوات الـمركبات البارزه من كتم العدم الى فضاالوجود والشهود بواسطه
الصفات مادامت السماوات والارض , وهذا التجلى نتيجه اسم اللّه الذى هوعلم للذات
المجرد عن الصفات واسمائها.
والـثـانـى : تـجـلـى الـصـفات باسمائها فى صورالافعال الى ابد الاباد, وهوالذى
يخرج مافى ذوات الممكنات اى الاستعدادات الازليه من القوه الى الفعل , وهذا نتيجه
بسم اللّه الرحمن , الذى [هو] اعم من جميع اسماالصفات , ويتصل امداده المعبر عنها
بانفاس الرحمن .
ولعلالمراد بقوله سبحانه : اعطى كل شئ خلقه ثم هدى
((125)) , هو هذان التجليان , اى اعطى كل شـئ فـى الازال خلق الاستعداد,
وهوالوجود العلمى فى ذات اللّه تعالى , ثم هدى الى الوجود العينى بـسـوق
الـمـقـادير الى المواقيت , وليس فى الوجود ح الذات المتصف بالصفات المتعدده
والافعال الصادره عنه بتوسطالصفات , واماالمفاعيل التى ه الذات المتجلى فى حلل
الصفات والافعال الى ابد الاباد, فكذلك معادها.
قـال اللّه تعالى : يبدئ اللّه الخلق ثم يعيده
((126)) , واليه يرجع الامر كله
((127)) , واليه المصير ( انه فى المبدا مجردعن الصفات والاسما, و فى المعاد
متحلل بحلل الاسما والصفات , وهو مظهرالصفات والسمات فى الازل بلاواسطه .
وهـذا يـقـتـضـيـه اسـم اللّه ومـنـشـئ الافعال بتوسط الصفات الى الابد فى الذات
المتسم بسمات الاستعدادات المختلفه , وهذايقتضيه اسم الرحمن .
فالذات سماالوجود فى المبدا باعتبار التنزل منه , وارضه فى المعاد باعتبار نزوله
واستقراره فيه , وهو مـظـهـرجميع الاشيا فى المبدا, ومظهرالكل فى المعاد, والافعال
والصفات مرآتى الذات فى الابتدا, والـذات مـرآتـهـمافى الانتها, والفعل مرآه الصفه
فى كل حال ونسبه الايجاد الى اسم الرحمن , لان مـعـنـى الرحمه ايصال الخير الى
الشرودفع الشر عنه , والوجود خير والعدم شر, فجميع الموجودات نتيجه اسم الرحمن
ورحمتى وسعت كل شئ
((129)) .
وهـذه الرحمه ال تى اخذ كل شئ منها قسطا ونصيبا
((130)) حتى ابليس ـلدخوله فى اسم الشئ ـ هـى الـرحـمـه الـرحـمـانيه ولامنافاه
بينها وبين الغضب , لانه عباره عن الابعاد, وكل موجود مبعد عـن الـوجـودالـمـطـلـق
بـقـبـوله صوره الوجود الشخصى وانفصاله عن الوجود العلمى الذاتى الى الوجودالعينى
الفعلى , فهو مغضوب عليه من اللّه بهذاالاعتبار.
وهــذه الــرحـمـه عـامه تسع القهر واللطف والسخط و اللطـف والرضـا فـى حـقالمومنين
, وهى الـرحـمه الرحيميه , كما قال سبحانه وكان بالمو منين رحيما
((131)) فالرحمه مع الغضب متساوقه بـاعـتـبـار, وعـلـيـه سـابقه باعتبار كما
ورد سبقت رحمتى غضبى واثر الرحمه الرحيميه تخلص الـلـطـيـفه الانسانيه عن المضائق
البشريه , واخراجها عن جحيم البعد الى جنه القرب , وهذه الرحمه مـمـنـوعـه مـن
الـشــيـطـان والـكفره , لانالشيطان بقى فى حجاب الانانيه عن انيه الحق , وبعد عن
الرحمه الرحيميه باسـتقراره فـى مقرالطرد واللعن الى يوم الدين .
وذلك يقتضيه سواله بالاستعداد الذاتى حيث قال : رب فانظرنى الى يوم يبعثون فاجابه
لسان القديم وقال : فانك منالمنظرين الى يومالوقتالمعلوم .
فـان اعـتـرض مـعـترض بان لاوجه لتخصيص المومنين برحمه هوالذات المطلق , فاى فرق
يبقى حينئذ بين المرحوم والمغضوب ؟ .
قلنا: الفرق ان معادالمغضوب هوالذات الموصوف بصفه الغضب , ومعادالمرحوم هوالذات
الموصوف بصفه الرحمه ,وهماالمعبر عنهما فى الشرع بالجنه والنار, ودعوه الانبيا [ هى
من صفه القهر والغضب والسخط الى صفه اللطف والرحمه والرضى .
ورد عـن الـنـبيرفى بعض مناجاته اللهم انى اعوذ بعفوك عن عقابك , واعوذ برضاك من
سخطك , واعـوذ بك منك وهذه دعوه جهريه خاصه يدعواللّه بها عباده الى دارالسلام
بواسطه ارسال الرسل , وخـصـوصـيـه هـذه الدعوه لاختصاص بعض العباد بقبولها, وهم
الذين هداهم اللّه اليها باعطاالحياه الايمانيه والسمع القلبى لسماعها.
فـهذه الدعوه عامه لعموم الامر, خاصه لخصوص الاراده , وللّه تعالى ورا هذه الدعوه
دعوه سريه عامه يـدعـو بها عباده الى محل مراده من غير واسطه , وتعم هذه جميع
الخلائق لعموم الاراده , والجهريه لاتعم , لانالامر والاراده فيها لايتلازمان , بل
يكون الامر تاره ولااراده وبالعكس , كالامر بايمان الكافر واراده الـكـفـر مـنـه ,
وذلـك مـحـض الـقهر وتطابق الامر, والاراده تاره كما فى حقالمومن وذلك عـيـن
الـلـطـف , فـالـسـر فـى ذلـك تهيئه محل جميع الصفات الجماليه والجلاليه , ليتجلى
اللّه بجميع اسمائه وصفاته , وفى صور مراداته ومعلوماته ومقدوراته .
والـدعـوه الجهريه الى صفه اللطف والجمال والرضى والرحمه والمغفره , اذا كانت
مخصوصه بشطر مـن الـصـفـات , لـم يـرداللّه ان يهدى الكل اليها, ونبه على ذلك بقوله
سبحانه : ولوشااللّه لجمعهم عـلـى الـهـدى فـلاتـكـونـن مـن الجاهلين
انمايستجيبالذين يسمعون والموتى يبعثهماللّه ثم اليه يرجعون
((132)) .
فالدعوه الجهريه تختص بالاحيا الذين يسمعون .
والـدعوه السريه تعمالاحيا والاموات , لان الموتى يبعثهم للرجوع الى الذات الذى
[هو] مصيرالكل , والـذات بـاعـتبارتجليه فى عالم الشهاده وظهور آيات القدره والحكمه
فيه يسمى الكتاب المبين , وبـاعـتـبـار تجليه فى عالم الغيب وانتقاش الصور
المعلومات المرادات فيه يسمى اللوح المحفوظ, وبـاعـتـبـار تـجليه فى غيب الغيب
وثبوت جميع الاشيا فيه واحاطته واحتوائه على مضمون اللوح والكتاب المبين يسمى
امالكتاب .
وكـل مـا هـو مكنون فى الكتاب المبين من المعانى الغيبيه فى صورالموجودات العينيه
بعض ماهو مـكتوب فى اللوح المحفوظ, لانه لايمكن اثبات الصور ا بعد محوالصور ا بعد
محو الصور الحاليه منه , وامتناع هذاالاجتماع فيه لضيق وعاعالم الشهاده عن الاحاطه
باقطارالزمان .
ولـمـا كـان الـلوح من عالم الغيب فله سعه واحاطه بالزمان , فكل ماهو مكتوب فى
اللوح بعض ماهو مكتوب فى امالكتاب ,لان اللوح وان كان محيطا بالزمان فلايحيط بالدهر
الذى هو احد طرفيه الازل والاخـر الابـد, وامالكتاب محيط بالازل والابدومابينهما من
الحوادث , فهو اوسع واجمع من اللوح , وفى الكتاب المبين اثبات ومحؤ, وفى اللوح
اثبات بلامحو, وفى امالكتاب ثبوت لااثبات ولامحو.
وفـى تـقـريـب هـذاالمعنى الى الافهام اضرب لك مثلا رجلا وقع فى قلبه معان كثيره ,
يحتاج فى شـرحـهـا الى بسطالكلام بانواع العبارات وفنون الاستعارات , ثم طفق
((133)) فى ايضاحها وبيانها بسردالكلمات
((134)) بعضها الى بعض , ويظهر مافى قلبه من المعانى المكنونه بواسطه اللسان فى
صورالالفاظ.
فتلك المعانى كلمات مكتوبه فى ماهيه الرجل وحقيقته , ا كيف يقع مالم يعطه استعداده
الذاتى .
واذا كان كذلك فهى ثلاث صور فى ثلاثه الواح :.
الاولى : صوره الوجود الاستعدادى فى لوح الماهيه .
والثانيه : صوره الوجودالعلمى فى لوح القلب .
والثالثه : صوره الوجود العينى فى لوح اللسان .
فكل ماهو مكتوب فى لوح اللسان بعض ماهو مكتوب فى لوح القلب , وكل ماهو مكتوب فى لوح
القلب بعض ماهومكتوب فى لوح الماهيه , ومكتوب اللسان يمحى فيثبت لضيق وعائه .
ولمالم تمح منه صوره كلمه بل حرف لاتثبت فيه صوره كلمه اخرى ولاحرف آخر.
واما مكتوب القلب فيثبت ولا يمحى , وتجتمع فيه صور تلك المعانى باسرها فى حاله
واحده , لسعته واحاطته بطرفى الزمان .
ومـكـتـوب الـمـاهـيه لايثبت ولايمحى لثبوته بنفسه , ويثبت فيها ما يثبت فى القلب
مع اشيا اخر لايحتملها القلب , لانهااوسع من القلب .
فالماهيه مثال امالكتاب , والقلب مثال اللوح , واللسان مثال الكتاب المبين .
واللسان من عالم الشهاده , والقلب من عالم الغيب , والماهيه من عالم غيب الغيب ,
فافهم ذلك فانه مـن الاسـرار الـعـزيـزه والـعـلـوم الـدقيقه التى طفحت بكنهها على
العباره , وتفاوض الارواح فيها بـلـسـان الاشـاره , فـلـذلك لمتبح بذكرها السنه
العلماوالاولى التادب بادابهم , والتاسى باخلاقهم , والـتـجنب عن الاقدام على ما
احجموا عنه , ولكن غلبه سلطان الوقت يسلب عنان الاختيار, ويسوق الى مساق الاضطرار.
وارجو من اللّه الكريم ان اكون فى هذاالاظهار من الشاكرين لالائه , لا من الذين
يلحدون فى اسمائه .
وامـا قـوله تعالى : الحمدللّه معناه : انه لا اللّه تعالى , لان الحمد يطلق تاره
ويراد به الشكر اذا كان فى مـقـابـلـه نـعمه من المشكورله , كقولك : حمدته لانعامه
على ويطلق تاره ويراد به الثنا والمدح اذا ذكرالشئ بالاوصاف الجميله لاستحقاقه لها.
كقولك : حمدته لعلمه وشجاعته .
ولاشـك انـاللّه تعالى هوالمتفرد باستحقاق هذين الوصفين , لاينازعه فيهما احد,
لانالنعم كلها منه , وكيف يتصور لغيره نعمه ووجوده اول نعمه انعم اللّه عليه , ليس
هو من ذاته , بل ذاته ليس من ذاته .
واذا كـان الاصـل وهوالوجود موهوبا ليس [كذا] فالفرع وهو سائرالنعم اولى واجدر بان
لايكون ماللّه تعالى واسبغ عليكم نعمه ظاهره وباطنه الظاهره هى العوافى , والباطنه
هى البلايا والفقر.
وقـول رسـول اللّه ر: اول مـن يـدعـى الى الجنه الحمادون الذين يحمدوناللّه فى
السرا والضرا مشعر بـهـذاالـمـعـنـى , لانـالـحمدعلى ا بكون الضرا نعمه , ومن
المكاشفين
((135)) بسر نعمه البلا, من اهل المحبه من يوثرالبلا على النعمه ويتلذذ به اكثر
مايتلذذ بالنعمه , لانه يراه نعمه خاصه من اللّه فى حـقـالاقـويـا من الانبيا
والاوليا, كما ورد انالبلا موكل بالانبياثم بالاوليا ثم بالامثل فالامثل ولقوله :
عـذابـى اصيب به من اشا, ورحمتى وسعت كل شئ خصالعذاب وعمالرحمه ,وهذاالايثار
والاختيار وان اقتضى تحقيق مقام المجاهده وصدق المحبه , لكونه يوذن بشكرالحال و
وجودالاختيار.
فاما ارباب المشاهده الذين ارتقوا عن الاحوال لايختارون لانفسهم سوى مااختاراللّه ,
وينسلخون عن وجـود اراداتـهـم بـمـااراداللّه بـهم , كما قيل : اريد عطاه ويريد
منعى ,فاترك ما اريد لما يريد حكى عن الشبلى عندالجنيد انه قال : لو ان اللّه تعالى
خيرنى غدا بين الجنه والنار, فلااختار ل النار, لما فيه من مخالفه النفس .
فـقـال الجنيد: هذا كلام الاطفال , وانى لوخيرنى اللّه بينهما لقلت انا عبدك فلا
اختيار لى بنفسى ا ماتختار.
وقـال الـشـيـخ ابـويـزيـدالبسطامى فى صفه المحبه : لوعرج بذلك العبد اعلى عليين
لكان شكره ذلـك الـشكر الذى كان فى اعظم البلا فى درك الاسفل من النار, ولوانزله
اللّه تعالى من اعلى عليين فاسكنه الدرك الاسفل من النار لكان شكره ذلك الشكرالذى
كان فى اعلى عليين وهذا الذى ذكره ا لـمـحـبـالـذات الـذى تستوى عنده جهات الصفات
المتقابله من اللطف والقهر والخفض والاعزاز والاذلال لاستواالذات فيها.
وامـا مـن لم يصل الى هذاالمقام من المحبين فهو محبالصفات بحباللطف والرفع
والاعزاز, ويوثرها عـلـى مايقابلها وان استوى الذات فى الكل , وهذا يتكدر مشرب
محبته بتغير عهود نعمته , فمحبته وشبكه الزوال سريعه الانتقال ,ومحبه الذات ثابته
ثبوت الجبال .
وحـقـيـقه الشكر ان يستعين العبد بكل نعمه من نعم اللّه الظاهره والباطنه ,
الجسمانيه والروحانيه على طاعته , لاعلى معصيته , كما حكى ان جماعه من المشايخ
كانوا يوما من الايام جلوسا متفاوضين فى الشكر, فاقبل السرى منهم على الجنيد وهو
بعد فى حداثه السن وعنفوان الاراده وقال : يابنى هات مـاعـنـدك فـى مـعـنـى الـشكر
فقال : الشكر عندى ان يستعمل العبد نعم اللّه فى محابه ومراضيه , فلايستعين بها على
مساخطه ومعاصيه فاستحسنوا منه قوله هذا وارتضوه .
وهـذا مـوافـق لما ورد عن النبير فى حديث لاتستعملوا جوارح غذيت بنعمته فى التعرض
لسخطه بمعصيته .
ولـلـشكر بدايه ونهايه , فبدايته العلم بان كل واحد من اجزاالعبد ظاهرا و باطنا
نعمه انعم اللّه عليه , وانه مطالب منه باستخراج شكر خالص لمنعمها من كل جز منها,
روحا ونفسا, وقلبا و قالبا, وان شكر كل جز منها اى شئ هو؟ .
فشكرالروح هوالاستغراق فى لجج بحار المشاهدات , وصرف المحبه للّه بالاقبال الكلى
عليه .
وشـكـرالقلب الطمانينه بالايمان , والانابه الى اللّه فى عموم عزماته وخطراته ,
والاخلاص فى جميع نياته .
وكـذاالـثـنا, لانالصفات الجميله المستوجبه للثنا هى الصفات الذاتيه الكامله
الدائمه التى لايتطرق اليها التغير والنقصان والزوال , وهى صفات اللّه خاصه .
فـلاجـرم اتـى بـلـفـظ الحمد معرفا باللام لاستغراق الجنس , وبلام الاختصاص فى خبره
, ليعرفها اختصاص ذاته باستحقاق الشكر والثنا.
واتـى بـصـيغه الاخبار لاالامر, ليعلمنا انه لايطيق شكر نعمه احد غ هو, لانه تعالى
هوالشكور لنفسه لـشـكر نعمه حق الشكرباظهارالموجودات , ابدا المثنى على نفسه يحصى
صفاته الجميله التى هى مبادئ الافعال بايجادالمصنوعات عددا,والشكر فى الاصل
هوالاظهار والكشف
((136)) بمعنى الكشر, يـقـال : كـشـر عن انيابه وشكر اذا كشف عنها, واللّه
تعالى ابداتشكر نعمه المتواتره المتظاهره على الـسـنه الموجودات , وكل ذره من ذرات
الوجود لسان بذكراللّه , ويشكر نعمه ويثنى عليه بانطاق اللّه الـذى انـطـق كـل شـئ
و يـسـبـح بـحمده ولكن لا صاحب القلب الذى القى سمعه ويسمع انواع تسبيحاتهم ,وهذا
هوالكشف الداودى .
ومـن الـقـى سـمعه وهو شهيد يشهداللّه فى تسبيحهم , يشهد على نفسه بتوحيد الالوهيه
, ويشكر نعمه من آثار الربوبيه ,ويذكر نفسه باسمائه الحسنى وصفاته العلى , وهذا
هوالكشف المحمدى , راى الـذاكـر والـمـذكـور والـشـاكـر هـواللّه , حـيـث قـال فى
بعض مناجاته : اللهم ياحافظالحافظين , ويـاذاكرالذاكرين , وياشاكرالشاكرين , بحفظك
حفظوا, وبذكرك ذكروا,وبشكرك شكروا فاللّه يشكر نعمه ويثنى على نفسه بلسان الكل ,
فلايحصى احد من الخلق احصا نعمه بلسان الجز.
ولـهـذه الـمشاهده امسك رسول اللّه ر فى مشهد الوصل ومحلالقرب عن الثنا على اللّه
بنفسه , واثنى عـلـيـه بـما هو اثنى على نفسه , فقال : لااحصى ثنا عليك انت كما
اثنيت على
((138)) نفسك لانه غايه الثنا.
فـان ثـنـاالـحـق عـلـى نفسه عباره عن بسط بساط الوجود, واظهار صفاته الجميله غير
المتناهيه الـمـتجليه عليه فى مراياالمكنونات من الازل الى الابد, وهذا مما لايقدر
عليه احد من الخلق , فاثنى على اللّه باللّه , فانيا عن صفات نفسه ,باقيا قائما به
.
هـذا اقـصى غايه الشكر, لايرقى منه طائرالهمه البشريه , لانه مقام البقا باللّه
((139)) بعدالفنا فى اللّه , كما قال اللّه تعالى فى وصفه ر: وما رميت اذ رميت
((140)) ولكناللّه رمى
((141)) .
ومـمـا تقتضيه حقيقه شكرالعبد هوالاعتراف بالعجز عن الشكر, والتحير والاستغراق فى
لجج بحار النعم الالهيه , كماقال اللّه تعالى لداود: اشكروا فقال : الهى كيف اشكرك
وانا لااستطيع ان ا بنعمه من نـعـمـتك ؟
فاوحى اللّه اليه اذا عرفت هذا فقد شكرتنى والشاكر نعمه ربه , المثنى عليه ان يحايل
له [كذا] انه هو الذى يشكر اويثنى .
فشكره عين الشكر, وثناوه محض الثنا.
ومـن يشكر نعمته بنعمته لنعمته ولايرى نفسه فى ذلك فقد ابلغ فى الشكر, والشاكر
الحقيقى من عـباداللّه الذى يعم شكره , ويشكرالل ه على كل حال , لايرى امرا قضى
اللّه له من الفقر والغنا والصحه والـسـقم و نعمه منه على نفسه ,يجب الشكر للّه
عليها, لان النعم الالهيه بعضها ظاهر عاجل يعرفه كل احد, وبعضها باطن آجل لا
اولواالابصار والالباب .
قـال بـعـض الـعـلـمـا فـى تـفـسـيـر قـولـه : وقـليل من عبادى الشكور
((142)) الى آخر, الشكر وحـركـاتـه
((143)) وسـكناته والمداومه على ذكراللّه : اما بنعت المراقبه والمشاهده ,
وشكرالنفس الانقياد بحكم اللّه وتلقيه بالرضى والتسليم والتخلق بالاخلاق .
وشكرالقالب القول باللسان والعمل بسائرالاركان .
فـقـول الـلـسان هوالتجلى بالصدق والذكر والاقرار باللّه وبنعمه بشرطالتخلى عن
الغيبه والبهتان والبذا والشتيمه والنميمه .
وامـا عـمـل الاركـان , فـالـعين شكرها اجاله النظر فى عجائب قدره اللّه بالاعتبار,
وغض البصر عن المحارم والمكاره والفضول .
والاذن شـكـرها القا السمع الى كلام اللّه وكلام الرسول ر, وكل مافيه صلاح العبد,
ومنعه عن الاصغا الـى الـغـيـبـه والفحش واللغو والغلط, كما قيل : احب الفتى ينفى
الفواحش سمعه كان به عن كل فاحشه وقرا وعلى هذا حكم سائرالاعضا.
وامـا نـهـايه الشكر فاستعمال جميع اجزائه الظاهره والباطنه فى طاعه اللّه بمقتضى
العلم وملازمه الـحضور, يتصور فى نفسه كاناللّه ينظر اليه ويراقبه فى جميع حركاته
وسكناته كما قيل : وان يتكرر احد قوافيه ـ شعر: كان رقيبا منك يرعى خواطرى ـــــ
وآخر يرعى ناظرى ولسانى .
ف قلت قد رمقانى .
و قلت قد سمعانى .
و عرجا بعنانى .
وكثير من الشاكرين يصلون الى بدايات الشكر بالعلم , ويحرمون الوصول الى نهاياته
بالعمل
((144)) .
ولـهـذا قال سبحانه : اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادى الشكور,
((145)) حكم بقله اهل الشكر من عباده بعد ما امربالعمل .
فـيـه اشـاره الـى ا الذى يبلغ نهايات الشكر بالعمل بمقتضى العلم , وهذاالشكر هو
حقيقه العبوديه الـخـالـصـه الماموربالاخلاص فيها, ح ليعبدوا اللّه مخلصين له الدين
((146)) فلذلك عقب الحمد بـالـعـبـوديه والاخلاص فيها, وسنذكره فى موضعه ان
شااللّه , فلنشرع الان فى بيان حقائق الاسما والـصفات الالهيه التى ترتب عليها
الحمد هنا, وهى خمسه :اللّه , والرب , والرحمن , والرحيم , ومالك يوم الدين .
اما لفظه اللّه فاصلها الاله بمعنى المالوه اى المعبود, كالكتاب بمعنى المكتوب ,
والمعبود هوالمطاع , وكـل مـطاع معبود,وكل معبود اله , واللّه الموجدالضارالنافع
السميع البصير, وكل ماسواه من الالهه الـمتخذه غيرمستحق لها, والكشف عن حقيقه
هذاالمعنى : اناللّه تعالى يتجلى ابدا بصفاته المتقابله من القهرواللطف والقبض
والبسط والمنع والاعطا والنزع والايتا من ورا استار الاسباب .
والـمـكاشفون بحقائق الغيوب من ارباب القلوب الذين كشفت عن بصائرهم حجب اغشيه
الاكوان , وبـاشـر ارواحهم بسطوع نوراليقين , لابحجبهم الاستار عن الانوار,
ولاالخلق عن الحق , لاضمحلال اعـيان الوجود فى عين شهودهم ,وتلاشت ظلمات حجاب الخلق
فى اشعه انوار توحيدهم , فلايرون فـى الوجود موثرا, بل موجوداسوى اللّه , واحتشت
بصائرهم بنور مشاهده الحق , متجل عليهم ابدا فى لباس النعوت والصفات المختلفه .
وهـذا لـعـمـرى هـو الالـه الـمـسـتحق للالهيه , لانه لايتطرق الى طوالع صفاته
الافول , ولايتغير بتغيرالاحوال ولايزول .
وامـا الـمـحـجـوبـون الـذيـن حـجـبـوا بحجاب الخلق عن الحق لايتغلظون بنفوذ
بصيرتهم فى عـوالـم الـمـلـكـوت , ولايتوغلون بقوه حالهم فى بحبوحه الاسرار وحريم
الجبروت , بل يقفون على ظـاهـرالـملك , اذ ذاك مبلغهم من العلم , فهم بمعزل عن هذا
التجلى , فلذلك اثبتوا للوسائط فعلا وتـاثـيـرا, واضـافـوا الـى كـل صـفـه مـن صفات
المسبب , وتاهوا متحيرين فى تيه الكثره , ومثلهم كـمـثـل الاطـفـال الـذيـن اذا
راوا حـسـنا برزت اليهم فى ثياب خضر, ثم غابت وبرزت اخرى فى ثياب بيض , وعلى هذا
تبرز كل مره فى لباس آخر بخلاف الاول لونا وشكلا, تصوروا ولقصور ادراكهم انالبارزه
اليهم فى ثياب مختلفه ليست واحده , بل يتراى لهم ان لكل لباس لابسه اخرى .
ومـثـل الـطـائفـه الاولـى كـمـثـل الـبـالـغـين من ذوى الابصار والبصائر الذين
لايلتبس عليهم باختلاف اللباس , اذ اللابسه هى الواحده تبرز كل حين فى لبسه اخرى .
والـمـحـجـوبـون بـحـجـاب الاسباب يتغيرالمتجلى عليهم فى كل سبب ونزول , تافل فى
حقهم طـوالع العطا واللطف والبسطفى مغارب المنع والقهر والقبض , لانهم اذا احالوا
العطا الواصل اليهم مـن اللّه بـواسطه سبب على نفس ذلك السبب ,لايضيفون المنع
الواصل اليهم من اللّه بواسطه سبب آخـر الـى مـبـدا واحـد يصدر منه العطا تاره
والمنع برابطتين مختلفتين , بل يثبتون لكل اثر موثرا, ويـشركون باللّه , ومالهم
بذلك من علم , لانه من الشرك الخفى المشار اليه بقوله ر:الشرك فى امتى اخفى من
دبيبالنمله السودا على الصخره الصما فى الليله الظلما.
فـهولاالمتخذون آلهه
((147)) غيراللّه باعتقادهم الموثريه من النفع والاضرار فى غيره [باعتقادهم
الـمـوثريه ] واتخاذ الالهه ,اما بالاعتقاد فحسب كما ذكرنا, او بالتعبد فقط كاتخاذ
عبده النفس هواها الـهـا, كـمـا قال تعالى : افرايت من اتخذ الهه هواه
((148)) وهولا هم المشركون باللّه شركا خفيا, او بـالاعـتـقاد والتعبد كاتخاذ
عبده الاصنام والكواكب آلهتهم ,وهم المشركون باللّه شركا جليا, وبيان اتخاذالهوى
الها انه اذا اتبع يكون مقصودا لذاته .
وقـد ورد عـن النبير: كل مقصود معبود وكل معبود اله وقلنا: ان الهوى المتبع مقصود
لذاته , لان الـهـوى الـمـتـبع عباره عن متابعه القلب النفس فى الميل الى العالم
السفلى وهاويه هواها الجبلى بخلاف ما اذا لم يتبع , لانالميل حينئذ يكون مقصورا على
النفس دون القلب .
والـرسـول ر مـا استعاذ من مجردالهوى , فانه روح النفس وسبب قوامها, بل استعاذ من
هوى متبع , والقلب المتبع هوى النفس لايتبعه لعله خارجه , بل لما بينه وبين النفس
من التلازم والتماثل الذاتى بـنـسـبـه الـبنوه والابوه , فانالقلب بمثابه الولد
المتولد من ازدواج اب الروح وامالنفس , فميل القلب الـى النفس وهواها مقصود لذاته ,
والنفس الاماره بالسؤمستخدمه للقلب الميال اليها, تستعمله ابدا فى تحصيل ماربها
وشهواتها, فينجذب الى تيسير مراداتها ومشتهياتها قصداثانيا.
وتـحصيل تلك المرادات قد لا بوجودالمال والجاه فيقصدهما قصدا ثالثا, والتوصل الى
المال والجاه قديستدعى طريقاموصلا اليهما من عمل فيقصده قصدا رابعا.
والـسعى فى التوصل الى جميع تلك المقاصد تعبد لها, والمقصود الاول وهوالهوى
غيرمعلول بعله , بـل هو عله للمقاصديعبد لها دونه , فهوالصنم الاكبر, والمقاصد
الاخر اصنام صغار بعضها اصغر من بعض .
فـالـعـمـل مـقـصـود, لانـه وسيله الى المال والجاه , وهما مقصودان , لانهما
ذريعتان الى تحصيل الـشـهـوات , و الـشـهـوات مقصوده , لانها مرادات النفس ,
ومرادات النفس مقصوده للهوى المتبع , فـالهوى مقصود لذاته لصاحب القلب المعلول
,فيكون معبوده والهه يستخدمه ويستعيده ويستعمله فـيما يريد, ويحمله على الاشراك
باللّه الواحد الذى لاشريك له ,وكل مايتخذ من الالهه سوى اللّه فهو بـاطـل ليس له
ذلك , لانالمعبود ينبغى ان يملك النفع والضر حتى يقدر على التصرف فيهما بالايتا
والـمـنـع والـدفـع والـرفـع , والـمتفرد بذلك هو اللّه وحده , لانه هوالضار النافع
فقط, ولذلك ذم لسان الشرع قومااتخذوا آلهه من دون اللّه , فقال : ويعبدون من دون
اللّه ما لاينفعهم ولا يضرهم .
((149)) وقال سبحانه : قل فمن يملك لكم من اللّه شيئا ان اراد بكم ضرا او اراد
بكم نفعا
((150)) .
ويـنبغى ان يكون سميعا يسمع
((151)) مناجاه العبد معه لطلب نفع او دفع ضر, بصيرا يبصر احوال الـعـبد
وحوائجه ,ليوصل اليه ماينفعه ويدفع عنه مايضره واللّه تعالى هوالمتفرد بان [يسمع ]
حنين ذوى الـحـاجات فى الصدور
((152)) ,ويبصر ما فى سر سرالعبد بنورالنور, وغيره من الالهه المتخذه لايتصف
بهذا.
قـال اللّه تـعـالـى حـكـايـه عن خليله , قائلا لابيه يا ابت لم تعبد ما لايسمع
ولايبصر ولايغنى عنك شيئا
((153)) .
واماالرب فهو صفه مشتقه من الربوبيه , بمعنى تكميل الناقص وتبليغه مبلغ الكمال
الممكن له على تـاللّه تـعـالى , لانه ربالعالمين لذاته , وما سواه من الارباب ليس
له ربوبيه ذاتيه ولاعامه عرضيه , بل بنسبه وجهه الذى يلى الحق سبحانه ,يقبل من صفه
ربوبيته ماشااللّه ان يقبل على حسب ما وهب له فـى الاسـتـعداد المركوز فى ذاته ,
ويوديه الى ماشااللّه ان يقضى اليه بين المربوبات بنسبه و واسطه وسـبـب بين المسبب
والمسبب , والحكمه الالهيه اقتضت تسبب الامور, لانه تعالى مسبب الاسباب , فحصل لكل
مربوب سبب يربيه بمايستمد من ربوبيه الحق تعالى , لانه ربالارباب .
فـمـن كـانـت بـصـيـرتـه مـحـجـوبه بحجب الاسباب عن رويه المسبب يعتقد اثرالربوبيه
الظاهر عـلى الوسائط من ذواتها, ويشرك باللّه , كعبده الكواكب والملائكه والجن
والانس وغيرهم , لما يرون منها التاثيرات
((154)) فى العالم .
قال اللّه تعالى : ولا يامركم ان تتخذوا الملائكه والنبيين اربابا
((155)) كقريش والصابئين حيث قالوا: الـمـلائكـه بـنـات اللّه وكـالـيـهـود
والـنـصارى حيث قالوا: عزير ابن اللّه وقالت النصارى المسيح ابـناللّه
((156)) وقال سبحانه و تعالى لنبيه ر: قل يااهلالكتاب تعالوا الى كلمه سوا
بيننا وبينكم ا اللّه ولانـشرك به شيئا ولايتخذ بعضنا بعضا اربابا من دون اللّه
((157)) فليس فى الوجود رب له الربوبيه لـذاته سوى اللّه تعالى ربالعالمين
ولذلك لايقال لغيره الرب م مضافا كربالدار, لانه الرب حقيقه , كما لايقال له الل ه
.
ومـن الـمـكـاشـفـين بحقيقه سرالربوبيه من يشاهد بنوراليقين ذوقا و وجدانا
انالمتصرف فيه فى جـمـيـع الاحـوال هـوالـرب سبحانه وتعالى , يرب يه كل وقت بنوع من
التصرف , كالطبيب الحاذق الـمـشـفـق يتعاهدالمريض ويعالجه كل حين بضرب من الدوا,
ليعتدل المزاج بحسن العلاج , فتاره يـسـقـيه شربه لذيذه ملائمه لطبعه , وتاره يجرعه
مرارات الادويه الحاد ه , ونظره فى كلتا الحالتين يـكـون مـقـصـورا عـلى وجود الصحه
وايصال الخير ودفع الشر, فيستسلم حينئذلجميع تصرفاته , ويـسـتـكـشـف مـن ورا
اسـتـارالاسـبـاب وجودالمسبب وشهود الرب تعالى , فلايشمئز مما يصل الـيـه مـن
الاضرار والاذلال والمنع والنزع بواسطه الاسباب , ويتلقاها بطيب القلب كما يتلقى
وجود الـنـفـع والاعـزاز والاعـطاوالايتا بذلك , ويرى فيه صلاح حاله , فلايختار
لنفسه سوى مااختاراللّه , ويستوى عنده , ويقول :.
هواى له فرض تعطف ام جفاـــــ ومشربه عذب تكدر ام صفا.
وكلت الى المحبوب امرى كله ـــــ فان شا احيانى وان شا اتلفا.
والـمـراد من العالمين فى قوله رب العالمين كل ماسوى اللّه من موجودات جميع العالم
, بمعنى آله الـعـلـم الـتـى يـعـلـم بهاكل شئ , كالخاتم والطابع بمعنى الاله ال تى
يختم بها ويطبع , وما سواه من المصنوعات والمقدورات الداله على صفاته العلى , وجمع
جمعالعقلا لاشتماله عليهم تغليبا لهم .
وامـا الـرحـمن الرحيم فهما صفتان مشتقتان من الرحمه بمعنى التعطف والشفقه على
الخلق , واللّه عـزوجـل , لان كـل راحـم غـيـره يـرحم برحمه اللّه عليه , كما ورد
فى الحديث الصحيح : الراحمون يـرحـمـهـم الرحمن ارحم من فى الارض يرحم ك من فى
السما واللّه تعالى ارحم بعباده منالوالده بولدها.
كـمـا جـا فـى الخبر عن عمربن الخطاب , قال : قدم على النبير سبئ فاذا امراه قد
تحلب ثديها, لما وجـدت صـبيا فى السبى اخذته فالصقته ببطنها وارضعته , فقال لنا
النبير اترون هذه طارحه ولدها فـى الـنار؟
قلنا: لا, وهى تقدر على ان لاتطرحه ,فقال : اللّه ارحم بعباده من هذه بولدها,
والراحمون كلهم من الوالدين وغيرهما لا بقسط مايقبلونه من الجزالواحد من مائه رحمه
.
كـمـا روى ابـوهـريـره عن رسول اللّه ر قال سمعته يقول : اناللّه عزوجل خلقالرحمه
يوم خلقها مائه رحـمـه , وامـسـك عـنـده تـسـعـا وتـسـعـيـن رحـمه , وارسل فى خلقه
كلهم رحمه واحده , فلو يـعـمـل
((158)) الـكـافـر بـكل الذى عنداللّه من الرحمه لم يياس من الجنه , وهذه
الرحمه الواحده هى التى يرحماللّه تعالى بها بصفه الرحمانيه جميع الخلائق , ويحولهم
انواع النعم الدنيويه منالوجود والـحـيـاه والـصـحـه والـرزق وغيرذلك , ويشرك
((159)) فيهاالمومن والكافر, وهى المشار اليها بـقـولـه :ورحـمـتـى وسـعـت كلشئ
((160)) وما امسك عنده من تسع وتسعين رحمه التى خص بهاالمومنين فى الاخره بصفه
الرحيميه منالاخرويه .
قـال اللّه تـعـالـى : وكـان بالمومنين رحيما
((161)) وروى عن رسول اللّه ر فى بعض مناجاته بقوله : يـارحمن
الدنياورحيمالاخره وروى عن جعفرالصادق
((162)) سلام اللّه عليه انه قال : الرحمن اسم خـاص وصـفـه عامه , والرحيم اسم
عام وصفه خاصه فقوله : اسم خاص لانه لم يسم به غيراللّه تعالى , ومـاشذ فلا اعتداد
به كتسميته مسيلمه الكذاب بذلك ,وقيل فى حقه : وانت رحماننا لازلت رحمانا وقـولـه :
صـفـه عامه لشمولها الخلق كافه , وقوله : اسم عام لتسميه غيراللّه ذلك كما قال
تعالى فى وصف النبير: بالمومنين رووف رحيم
((163)) وقوله : صفه خاصه لتعلقها بالمومنين خاصه .
واما المالكيه وهى استحقاق التصرف فى الاشيا بالايجاد والاعدام والمنع والاعطا
والنزع والايتا و بما آتاه اللّه من الملك , وهوالقدره على التصرف , ولايملك الملك
ا اللّه , لانه تعالى استاثر بمالكيه الملك , والـمـلك ملكه يتصرف فيه بالمشيه ,
يوتيه من يشا وينزعه ممن يشا, كما قال سبحانه آمرا لنبيه ر: قلاللهم مالك الملك
توتى الملك من تشاوتنزع الملك ممن تشا
((164)) .